الأربعاء، 25 يوليو 2012

الرفق بالأسرى والإحسان إليهم وإكرامهم


الرفق بالأسرى والإحسان إليهم وإكرامهم:هذا ما أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله في أسرى غزوة بدر: (استوصوا بالأسارى خيراً)، وقال الحسن: (وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤتى بالأسير فيدفعه إلى بعض المحسنين، فيقول: أحسن إليه. فيكون عنده اليومين والثلاثة، فيؤثره على نفسه)، وروي أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه في أسرى بني قريظة بعدما احترق النهار في يوم صائف "أحسنوا أسراكم وقَيِّلوهم واسقوهم" قيلوهم: أي ساعدوهم بالقيلولة وهي راحة نصف النهار عند حرّ الشمس. وقال: (لا تجمعوا عليهم حرّ هذا اليوم وحرّ السلاح) .وايضا  توفير الطعام والشراب والكساء لهم:قال - تعالى -: "ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا" ، ويكون إطعام الأسير المشرك قربة إلى الله - تعالى -كما يقول القرطبي في تفسيره. ويذكر (أبو عزيز) أخو مصعب بن عمير، وكان من أسرى غزوة بدر: (وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا من بدر، فكانوا إذا قدّموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر، لوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلاّ نفحني بها. وقال: فأستحيي فأردّها على أحدهم، فيردّها ما يمسّها) وكان الخبز عندهم أنفس من التمر، لندرة القمح وكثرة التمر، فلهذا كان إيثار الأسير بالخبز من باب الإكرام والحفاوة.وذكر ابن كثير أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى، فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء)وايضا النهي عن تعذيبهم اما مصيرهم هو  :الحكم الأصلي في مصير الأسرى يقرّره القرآن الكريم بقوله - تعالى -: "فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها" (محمّد: 4).حول هذه الآية الكريمة نذكر المسائل التالية:المسألة الأولى: يقول بعض العلماء أنّ هذه الآية منسوخة بقوله - تعالى -: (.. فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (التوبة: 5) ويقول آخرون أنها ناسخة. وقد ذكر الطبري هذه الأقوال ثمّ ردّها جميعاً بقوله: (والصواب من القول عندنا في ذلك أنّ الآية محكمة غير منسوخة) واستدلّ على ذلك (بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيمن صار أسيراً بيده من أهل الحرب فيقتل بعضاً ويفادي بعضاً ويمنّ على بعض... ولم يزل ذلك ثابتاً من سيره في أهل الحرب من لدن إذن الله بحربهم إلى أن قبضه إليه)(12).كما ذكر القرطبي الأقوال المختلفة، واختار أنّ الآية محكمة واستدلّ على ذلك كما فعل الطبري، بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثابت في الصحيح، وأنّ النسخ إنما يكون لشيء قاطع، فإذا أمكن العمل بالآيتين فلا معنى للنسخ. (13)المسألة الثانية: هذه الآية الكريمة تحدّد الحكم الأصلي في مصير الأسرى وهو أحد أمرين:1- المنّ عليهم أي إطلاقهم بغير مقابل، وجواز المنّ على الأسرى هو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم، واستدلوا بما ثبت في سيرته أنه منّ على العاص بن الربيع والمطلّب بن حنطب وصيفي ابن أبي رفاعة وأبي عزة الجهمي الشاعر وهم من أسرى بدر، كما منّ على ثمامة بن أسال سيد أهل اليمامة (البخاري)، ومنّ على ثمانين أسيراً من المشركين (مسلم).2- أو الفداء، أي إطلاقهم في مقابل فدية يقدمونها للمسلمين. والفدية قد تكون مالاً، والفداء بالمال هو مذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة والمالكية ومحمّد بن الحسن من الحنفية، واستدلوا على ذلك بفداء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأسرى بدر بالمال وكانوا سبعين رجلاً(14). وقد تكون الفدية إطلاق سراح أسرى المسلمين عندهم، وهذا هو المعروف بتبادل الأسرى، وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة وصاحبي أبي حنيفة، واستدلوا بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقد فادى رجلين من المسلمين بالرجل الذي أخذه من بني عقيل (أخرجه مسلم)، وفادى بالمرأة التي استوهبها من سلمة بن الأكوع ناساً من المسلمين كانوا قد أسروا بمكّة. (أخرجه مسلم).وقد ثبت أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فادى بعض أسرى بدر على تعليم جماعة من المسلمين الكتابة(15).


‏من جهاز الـ iPhone الخاص بي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.